ماكس تايمز maxtimes
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التحول الديمقراطي والعولمة

اذهب الى الأسفل

التحول الديمقراطي والعولمة Empty التحول الديمقراطي والعولمة

مُساهمة من طرف najehamira الخميس 1 يناير - 17:59

التحول الديمقراطي والعولمة farao farao farao farao
ارتبط الحديث عن البعدالخارجي في عملية التحول الديمقراطي بعد الحرب العالمية الثانية بأحداث تاريخية فارقة‏,‏ ولكنها محدودة‏,‏ أهمها حالتا اليابان وألمانيا‏,‏ التي تم التحول فيهما بتدخل عسكري خارجي مباشر‏.‏ وفيما عدا ذلك تبلورت قناعات أكاديمية وسياسية تعتبر نظم الحكم والتحولات التي تطرأ عليها من صميم أعمال الشئون الداخلية‏,‏ ويقتصر الدور الخارجي ـ إن وجد ـ في هذا الإطار علي توفير بيئة مواتية أو غير مواتية لتلك التحولات‏.‏

وقد شهدت تلك القناعات مراجعات واسعة منذ انتهاء الحرب الباردة تحت وطأة التغيرات في دول شرق ووسط أوروبا‏,‏ ثم انتقل مركز الحديث عن الدور الخارجي في التحول الديمقراطي في السنوات القليلة الماضية إلي منطقة الشرق الأوسط‏,‏ بحيث ارتهن اختبار نجاح السياسة الأمريكية في المنطقة بمدي ما يحرزه العراق تحت الاحتلال من تحولات ديمقراطية‏.‏

ورغم حداثة الاهتمام بهذا البعد من أبعاد التحول في المنطقة العربية‏,‏ فإن خبرة العقدين الماضيين تشير إلي تحول واضح في سياسات وخطاب القوي الكبري من مجرد توفير بيئة قد تكون ملائمة للتحول الديمقراطي كنوع من إعلان النوايا أو الاهتمام بحقوق الإنسان‏,‏ إلي القيام بجهد واع لنشر الديمقراطية في العالم ضمن أولوياتها الأساسية واستراتيجياتها الكبري‏.‏

وفي الوقت نفسه‏,‏ شهدت العديد من أقاليم العالم درجات متفاوتة من التحول الديمقراطي علي مدي العقدين الماضيين تتراوح التقديرات والتحليلات حول حقيقة ومدي الدور الذي لعبته الأطراف الخارجية في حفز تلك التحولات أو استمرارها‏.‏

فبالإضافة إلي خبرة التحول في الدول الأوروبية الشيوعية السابقة‏,‏ فقد اجتاحت العالم موجات من التحول في أمريكا اللاتينية‏,‏ وإفريقيا جنوب الصحراء‏,‏ وبعض دول شرق وجنوب آسيا‏,‏ وبدرجة أقل الشرق الأوسط‏,‏ فيما عرف بالموجة الثالثة للتحول الديمقراطي‏.‏

وكانت المظاهر الأساسية للتحول في العديد من هذه الحالات هي تقليص مكانة الحزب الواحد أو المسيطر وتداول السلطة من خلال انتخابات تنافسية تفاوتت درجات نزاهتها‏,‏ بالإضافة إلي إجراء تعديلات دستورية تعزز احترام الحقوق وتوسع هامش الحريات العامة‏.‏

وفي مجمل تلك الحالات‏,‏ لعبت إحدي أو بعض القوي الكبري دورا داعما للتحول بشكل مباشر‏,‏ أو علي الأقل باركت التحول الديمقراطي من خلال عدد من الأساليب الدبلوماسية والمالية‏,‏ مع توظيف غير مسبوق لآلية المشروطية السياسية‏.‏ كما تصاعد التركيز الخطابي علي قضية الديمقراطية في دول العالم الثالث باعتبارها تحتل مكانة مهمة علي الأجندة الدولية الجديدة‏.‏

عوامل تزايد الاهتمام بنشر الديمقراطية
تشير عدة دلائل إلي أن البيئة الدولية عقب انتهاء الحرب الباردة قد أفرزت ذلك التوافق بين القوي الكبري‏,‏ خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي‏,‏ حول ضرورة لعب دور أكبر لدعم التحول الديمقراطي‏.‏ وهناك جملة من التفسيرات التي تسهم في فهم ذلك التوجه الجديد أهمها التفسير الأمني أو نظرية السلام الديمقراطي‏.‏ ويذهب هذا الاتجاه إلي أن تبني سياسة نشر الديمقراطية يعمل في التحليل الأخير علي دعم المصالح الأمنية للقوي الكبري‏,‏ وتطبيع المجتمعات المختلفة من خلال تقليص نفوذ الاتجاهات والجماعات الراديكالية‏,‏ وهي التي صنفت باعتبارها الخطر الأكبر بعد تفكك الاتحاد السوفيتي‏.‏

وتتبني طائقة أخري من التفسيرات المبرر الأيديولوجي‏,‏ ويري هذا الاتجاه أن انتهاء الحرب الباردة كان إيذانا بانتهاء أو فشل النموذج المنافس للدول الغربية سياسيا واقتصاديا‏,‏ وبالتالي فإن نشر الديمقراطية يعتبر محاولة لبناء نظام ما بعد الحرب الباردة بشكل متسق مع البناء القيمي والمؤسسي الداخلي للدول الغربية الكبري‏.‏

ويشير تفسير ثالث إلي التحولات التي شهدها العالم في ظل العولمة وضغوطها الإدماجية وأحيانا التنميطية‏,‏ بحيث تزايد القبول بفكرة تأثير العوامل الخارجية علي قضايا كانت تعتبر من قبل من صميم النطاق الداخلي‏.‏

كما تذهب بعض الاتجاهات في هذا الإطار إلي أن الديمقراطية والعولمة الاقتصادية صنوان‏,‏ بحيث يصبح من مصلحة القوي الكبري نشر الديمقراطية لتأمين مصالحها الاقتصادية‏,‏ وبالتالي يعتبر نشر الديمقراطية ـ وفقا لهذا الاتجاه ـ هو في جوهره محاولة لإسباغ الشرعية أو الصفة المثالية علي مصالح القوي الكبري في عالم ما بعد الحرب الباردة‏.‏

نشر الديمقراطية‏:‏ الواقع والخطاب
يتوازي مع الخطاب الذي يسوق مبررات مصلحية أو أيديولوجية لتفسير تزايد اهتمام القوي الكبري بقضية الديمقراطية‏,‏ خطاب متشكك يري أن الاهتمام بالديمقراطية هو مجرد اهتمام خطابي تستخدمه القوي الكبري كورقة ضغط وبشكل ذرائعي ومتقطع‏.‏

ويري هذا الاتجاه أن استراتيجية نشر الديمقراطية قد اقتصرت علي حالة دعم التحول الديمقراطي في دول شرق ووسط أوروبا‏,‏ وبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة‏.‏ ويستند ذلك الرأي إلي أنه باستثناء تلك الحالات‏,‏ فقد تم بشكل منهجي التغاضي عن تقييد الحريات وانتكاسات الديمقراطية في الدول الحليفة التي لم تتأثر أهميتها بانتهاء الحرب الباردة‏,‏ لاعتبارات اقتصادية أو استراتيجية‏.‏ ومن ثم‏,‏ فقد ظلت الاعتبارات المصلحية‏,‏ خاصة الأمنية‏,‏ حاكمة في رسم السياسة الخارجية للقوي الكبري بالرغم من التصعيد الخطابي لقضية الديمقراطية‏.‏

ويشير الواقع إلي صورة مختلطة‏,‏ وبوسائل مختلفة‏,‏ باشرت فيها القوي الكبري هدف نشر الديمقراطية بدرجات متفاوتة من الجدية‏,‏ تجاه الحالات المختلفة والفترات الزمنية المتعاقبة‏.‏ فعلي سبيل المثال‏,‏ كان الدور الخارجي‏,‏ خاصة دور الاتحاد الأوروبي الداعم للتحول الديمقراطي في دول شرق ووسط أوروبا واضحا ومباشرا‏,‏ حيث اعتبر الإصلاح السياسي بوابة للانضمام إلي الاتحاد‏,‏ كذلك لعبت الولايات المتحدة دورا مهما في دعم التحول في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة وبدرجة أقل في الدول الأوروبية الشيوعية السابقة‏.‏ وفيما عدا ذلك يعتبر السجل الأوروبي والأمريكي مختلطا علي أفضل تقدير‏.‏ فقد اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ رئاسة بيل كلينتون‏,‏ آلية الربط بين المعونات الاقتصادية والتحول الديمقراطي‏,‏ وهو الخط نفسه الذي تبناه الاتحاد الأوروبي في تقديم القروض والمنح إلي دول إفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية علي وجه الخصوص‏.‏ وتوافقت الدول المانحة في هذا الإطار علي تشديد المشروطية السياسية في بداية التسعينيات‏,‏ سواء في معوناتها المقدمة بشكل مباشر أو من خلال المؤسسات المالية الدولية‏.‏

وبالإضافة إلي الوسائل المالية‏,‏ تصاعدت وتيرة الضغوط الدبلوماسية بشكل يدفع في الاتجاه نفسه‏,‏ وذلك في صورة ردود فعل دولية تعبر عن استهجان الدول الكبري لحدوث انتكاسات ديمقراطية من قبيل إجراء انتخابات غير نزيهة أو تقييد الحريات أو اتخاذ تدابير قمعية في الدول المختلفة‏.‏

إلا أن سجل تنفيذ تلك الآليات المالية والدبلوماسية يعكس تفاوتا في الالتزام بتنفيذ المشروطية وممارسة الضغوط السياسية في اتجاه الإصلاح بحسب مصالح الأطراف الخارجية‏,‏ وهو ما يتضح ـ علي سبيل المثال لا الحصر ـ من سياسات الولايات المتحدة إزاء دول أمريكا اللاتينية‏,‏ التي تعطي الأولوية لاعتبار مناهضة القوي اليسارية والمناوئة للمصالح الأمريكية‏.‏

وفي إطار هذا السجل المختلط للاستراتيجية العالمية لنشر الديمقراطية‏,‏ فقد ظلت الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام علي هامش تلك الظاهرة الجديدة من التدخل الدولي لإحداث تغييرات في نظم الحكم‏,‏ حتي أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏.‏

أحداث الحادي عشر من سبتمبر وقضية الديمقراطية
شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر والحرب علي الإرهاب تكريسا للفكرة التي تربط بين الديمقراطية والأمن في الخطاب الأمريكي علي مستوياته المختلفة‏,‏ خاصة أن منفذي الهجمات لم ينتموا إلي دول فقيرة في الدخل القومي أو إلي طبقات فقيرة في دولهم‏.‏ وبالتالي ساد الاعتقاد بأن الإحباط السياسي في الدول غير الديمقراطية هو المنبع الرئيسي للإرهاب والحركات الراديكالية‏.‏

بعبارة أخري‏,‏ أدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلي تكريس مبدأ الربط بين الأمن والديمقراطية مع نقل المنطقة العربية من هامش الاستراتيجية العالمية لنشر الديمقراطية إلي مركزها أو قبلها‏.‏

وفي هذا الإطار‏,‏ طرحت العديد من المبادرات الأمريكية أو الأمريكية ـ الأوروبية المشتركة‏,‏ التي صيغت لحفز الإصلاح السياسي في دول المنطقة‏,‏ منها مبادرة الشرق الأوسط الجديد‏,‏ ومبادرة الشرق الأوسط الموسع ومنبر المستقبل‏.‏

وفي الوقت نفسه‏,‏ صاغ كل طرف مبادرات منفردة للغرض نفسه‏,‏ منها علي الجانب الأمريكي المبادرة المتقدمة للحرية‏,‏ ومبادرة المشاركة مع دول الشرق الأوسط‏,‏ ومبادرة إقامة منطقة للتجارة الحرة مع دول المنطقة‏,‏ وعلي الجانب الأوروبي مبادرة الجوار الجديد مع دول جنوب وشرق المتوسط‏,‏ التي جاءت في إطار تطورات المشاركة الأوروبية ـ المتوسطية‏,‏ المسماة بعملية برشلونة‏.‏

في الوقت نفسه‏,‏ شهدت برامج المعونة الاقتصادية الثنائية المقدمة للعديد من دول المنطقة إعادة هيكلة تعطي قضايا التحول الديمقراطي والحكم الرشيد أهمية متزايدة‏,‏ من حيث التمويل المخصص لتلك القضايا بحد ذاتها‏,‏ فضلا عن اعتبارها بوابة أساسية للحصول علي المعونات الاقتصادية‏.‏

ومع ذلك‏,‏ فقد أدت تطورات الأوضاع في المنطقة علي مدي العام الماضي‏,‏ خاصة تدهور الاستقرار في العراق‏,‏ وتصاعد الأزمة الإيرانية إلي بلورة التناقضات التي قد تحد من فاعلية الدور الخارجي ـ الأمريكي علي وجه الخصوص ـ في التحول الديمقراطي‏.‏

ويشير التراجع النسبي في التصريحات والضغوط الدبلوماسية التي تبديها الإدارة الأمريكية في هذا الاتجاه إلي جملة التعقيدات التي تواجه السياسة الأمريكية الجديدة في سياقها الشرق أوسطي‏.‏

فمن ناحية أولي‏,‏ ظهر بوضوح التناقض فيما بين أهداف السياسة الخارجية للقوي الكبري‏,‏ خاصة الولايات المتحدة‏,‏ وهو التناقض الذي يحسم دائما لمصلحة الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية‏.‏ فقد أدت التطورات المشار إليها إلي طغيان الحاجة إلي بلورة موقف إقليمي يساعد علي الاستقرار في العراق من ناحية‏,‏ والحد من النفوذ الإيراني من ناحية أخري‏.‏ ومن ثم تراجعت بشكل كبير مقولات الفوضي البناءة وأعيد الاعتبار إلي أهمية الاستقرار وحسابات التعاون الدولية‏,‏ خاصة مع النظم الحليفة‏.‏

من ناحية ثانية‏,‏ فإن حالة الشرق الأوسط تمثل تعقيدات مهمة بالنسبة لنظرية السلام الديمقراطي وفقا للرؤية الغربية‏,‏ فقد أدت التطورات في عدد من دول المنطقة إلي تصاعد دور الحركات الإسلامية المعادية للولايات المتحدة عن طريق صناديق الانتخابات‏.‏

الأمر الذي يضع علي المحك حدود وقيود مسعي نشر الديمقراطية في المنطقة‏,‏ ويشكك في فرضية مواجهة الاتجاهات الراديكالية عن طريق التحول الديمقراطي‏.‏

ومن ناحية ثالثة‏,‏ أصبح الوفاء بتمويل برامج نشر الديمقراطية‏,‏ خاصة ـ علي الجانب الأمريكي ـ تحت ضغط شديد بسبب تزاحم مصروفات احتلال العراق والحرب علي الإرهاب‏.‏

وتشير دراسة تمارا ويتس ثمن الحرية في هذا السياق إلي أن جملة الإنفاق الأمريكي علي دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط في السنوات الخمس التالية علي أحداث الحادي عشر من سبتمبر يقدر بنحو‏5%‏ فقط من حجم المخصصات الأمريكية التي كرست للهدف نفسه في الجمهوريات السوفيتية السابقة في السنوات الخمس التالية علي انهيار الاتحاد السوفيتي في ظل مبادرة دعم الحرية‏.‏

وهكذا تمثل حالة الشرق الأوسط نموذجا مثاليا لمشكلات وتعقيدات الدور الخارجي في دعم التحول الديمقراطي‏,‏ وهو الدور الذي كانت أحداث المنطقة وتطوراتها منشئة للحديث عنه في تلك المنطقة من ناحية‏,‏ وكاشفة لحدوده وتناقضاته من ناحية أخري‏.‏
farao
اتمنى
najehamira
najehamira
مشرفة قسم التعليم (أستاذة)
مشرفة قسم التعليم (أستاذة)

عدد الرسائل : 56
الجنسية : الجزائر
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 26/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى